امي, هل تتذكرين عندما كنت في السادسة من عمري؟ بضفيرتين طويلتين و تنورة قصيرة ؟ وجدت صورتنا التي اخذها والدي و هو يجرب الكاميرا التى كانت هدية على علبة مسحوق الغسيل الكبيرة ... كم احببت هذه الصورة التي قرر ابي انها "بايظة" و القى بها في حجري , و احتفظت انا بها منذ ذلك اليوم ... و جدتها منذ قليل مختبأة كقط صغير خلف المرأة
اتذكر هذا اليوم كأنه البارحة .. اتذكر تماما كيف بدوتي , امرأة ثلاثينية قمة في الجمال و الاثارة , ترتدي خمارا طويلا و عبائة تخفي ملامح وجودها , نظرة الحزن و الاسى على حالك , كنت اراها دائما , و لكني كنت اصغر من ان استوعبها
حبك المفقود ذو الاربعة اعوام , ثم زواجك من شخص لم تحبيه يوما
اقسم لك انني لا اقصد ان احملك نتيجة ما انا عليه اليوم , لكن لا تنكري انك انشغلت بمأساتك عني , كم مرة كنت امسك يديكي في الشارع و انا سائرة بجوارك , كنت اضغط انا على يديك الباردة الامبالية , في حين انه انت من كان يتوجب عليه الضغط على يدي بدفء , كنت احاول النظر اليك و لفت انتباهك بأي طريقة , كأن امثل انني تعثرت في الطريق , او اغني بصوت عالي , كنت تلمحينني مسرعة ثم تعودي الى شرودك القاتل من جديد , كم وددت ان اصرخ بك بشكل هيستيري و اصفعك بصورة متكررة , لكي تفيقي و تنظري تجاهي قليلا , كنت اشعر انني انا من امسكك لاقودك في الشارع رغما عنك
انظري كيف انتهى الحال بفتاة الضفائر ... اصبحت ذو شعر احمر قصير يصعب ترويضه , و اظافر سوداء , و يدان يصعب تمييز شكلها من كثرة الخواتم ... اصبحت طفلتك , الفتاة التي تقتل و ترتكب ابشع الجرائم من أجل ان تشعر ببعض الحنان الذي لم تمنحيها اياه ابدا
لا يزال الخوف يقتل اجمل امنياتها , ما زال عدم الاحساس بالامان صديقها الازلي منذ الطفولة
هي تلك الدائرة المغلقة نفسها
لقد سامحتك يا امي من كل قلبي , و يعلم ربي هذا .. لكن اسفة , لن اكبر لأكرر مأساتك
لن اصبح مجرد صورة قديمة تختبأ وراء مرآة , و لا وراء خمار يخفي تعاستي
سأفيق , و سأتعلم من جديد , و سأجد من يضغطون على يدي , و يمنحونني كل الامان , دون الحاجة الى ان اتظاهر بانني تعثرت
هل تتذكرين السمكة التي اهديتني اياها في عيد ميلادي ال 21 ؟ و قلت لي انها ستموت قريبا لانها وحيدة و ضعيفة ؟
صدقتك , و توقفت عن تغيير الماء لها و تتطهيره
لكن انظري مرت اسابيع ولم تمت
و لن اموت الان يا أمي!
لقد غيرت لها الماء اليوم
و سأغير مياة حياتي قريبا