الأحد، 14 ديسمبر 2008

يا كوابيسي.. اجازة من فضلك!

كنت قد قررت الامتناع عن الكتابة و التشرنق لبعض الوقت , ولكن طلبت معي ان اكتب شيئا , رغم انه من الاولى لي ان افتح كتابا و اذاكر لان امتحاناتي على الابواب.

ولكني نسيت كيف اذاكر اساسا , ربنا يستر.

تراودني مؤخرا احلام مزعجة ذات مذاق كريه يلتصق بحلقي على مدار اليوم , احلام استيقظ منها مفزوعة و قلبي يدق بحدة.. و هذا غريب جدا لان مزاجي معتدل هذه الايام و لا اجد تفسيرا منطقيا لمطاردة هذه الكوابيس لي.

فمثلا منذ يومين حلمت بمرضى الجذام , كانوا اكثر من 40 شخص في حفرة تحت الارض سقفها من الحديد الصلب المفرغ.. كنت اقف عليه انظر اليهم في خوف شديد , كانوا يصرخون من هول الالم , ينظرون الي بعيون دامية حزينة .. رافعين اذرعهم ( او ما تبقى منها ) نح
وي طالبين الغوث.


كانت اطرافهم تتساقط , فالحفرة كانت ممتلئة بالاطراف المتيبسة و الجثث المشوهة المعالم , و لاني اعلم ان هذا المرض المرعب معدي , هممت بالجري و الهرب من هذا المكان الذي يبدو كحفرة من حفر جهنم .. و اذا بخمس رجال ملثمين يرتدون بذة من نوع خاص , و كأنهم رواد فضاء يقتحمون المكان و يدفعون بي داخل الحفرة .. و يلقون بالطعام و الحقن التي تحتوي على مسكنات للالم من الفراغات الموجودة بالاعلى ..

حاولت ان اصرخ و اخبرهم انني لست مريضة ولكن بلا جدوى.

كانوا يصرخون بالمرضى طالبين منهم ان يدفن من يستطيع منهم الموتى او يحرقهم منعا لانبعاث الرائحة.. ومن المرضى من كانوا يحرقون انفسهم احياء للتخلص من عذابهم الحارق , وبعضهم من جرى نحو النار ينشد بعض الدفء , و كان بعض المرضى يجرون نحوي و حقنهم في افواههم يريدونني ان اساعدهم في اخذها لانني الوحيدة التي تبقى لها ذراعان , اصبت بالهلع الشديد وجريت مبتعدة , كان الجو شديد البرودة و الظلمة في الداخل ... و انا اجري شعرت بالم شديد في انفي فرحت اتحسسها لم اجدها في مكانها , فتسمرت في مكاني و نظرت الى كفيّ فوجدتهما قد تيبسا و صار لونهما رماديا كبقايا الفحم المحترق وبدأت اطرافي تتساقط ..

نظرت الى المرضى وهم منكبين على علب الطعام ياكلون بغمس رؤوسهم فيها كالحيوانات .. نظرت إلى اطرافي المبعثرة برهة , تخيلت كيف سينفر مني كل من يحبني , ثم اعتصرني حنين مؤلم تذكرت هذه الاطراف جيدا،و كيف كنت استخدمهم ، تذكرت هذه الأيام ، و برغم رتابتها و تفاهتها إلا أنني كنت سعيدة ، لم اقدر ابدا ما كان يوما ما ملكي حتى فقدته .. و شعرت أن هذا الإحساس لن يعود أبدا، تذكرت النظرة التي كانت في اعينهم وهم يحدقون بي .. شعرت بحزن شديد و جلست في مكاني انتظر مصيري المحتوم وسط الجثث.