الجمعة، 18 نوفمبر 2011

سامحتك

امي, هل تتذكرين عندما كنت في السادسة من عمري؟ بضفيرتين طويلتين و تنورة قصيرة ؟ وجدت صورتنا التي اخذها والدي و هو يجرب الكاميرا التى كانت هدية على علبة مسحوق الغسيل الكبيرة ... كم احببت هذه الصورة التي قرر ابي انها "بايظة" و القى بها في حجري , و احتفظت انا بها منذ ذلك اليوم ... و جدتها منذ قليل مختبأة كقط صغير خلف المرأة

اتذكر هذا اليوم كأنه البارحة .. اتذكر تماما كيف بدوتي , امرأة ثلاثينية قمة في الجمال و الاثارة , ترتدي خمارا طويلا و عبائة تخفي ملامح وجودها , نظرة الحزن و الاسى على حالك , كنت اراها دائما , و لكني كنت اصغر من ان استوعبها

حبك المفقود ذو الاربعة اعوام , ثم زواجك من شخص لم تحبيه يوما

اقسم لك انني لا اقصد ان احملك نتيجة ما انا عليه اليوم , لكن لا تنكري انك انشغلت بمأساتك عني , كم مرة كنت امسك يديكي في الشارع و انا سائرة بجوارك , كنت اضغط انا على يديك الباردة الامبالية , في حين انه انت من كان يتوجب عليه الضغط على يدي بدفء , كنت احاول النظر اليك و لفت انتباهك بأي طريقة , كأن امثل انني تعثرت في الطريق , او اغني بصوت عالي , كنت تلمحينني مسرعة ثم تعودي الى شرودك القاتل من جديد , كم وددت ان اصرخ بك بشكل هيستيري و اصفعك بصورة متكررة , لكي تفيقي و تنظري تجاهي قليلا , كنت اشعر انني انا من امسكك لاقودك في الشارع رغما عنك



انظري كيف انتهى الحال بفتاة الضفائر ... اصبحت ذو شعر احمر قصير يصعب ترويضه , و اظافر سوداء , و يدان يصعب تمييز شكلها من كثرة الخواتم ... اصبحت طفلتك , الفتاة التي تقتل و ترتكب ابشع الجرائم من أجل ان تشعر ببعض الحنان الذي لم تمنحيها اياه ابدا

لا يزال الخوف يقتل اجمل امنياتها , ما زال عدم الاحساس بالامان صديقها الازلي منذ الطفولة

هي تلك الدائرة المغلقة نفسها

لقد سامحتك يا امي من كل قلبي , و يعلم ربي هذا .. لكن اسفة , لن اكبر لأكرر مأساتك

لن اصبح مجرد صورة قديمة تختبأ وراء مرآة , و لا وراء خمار يخفي تعاستي

سأفيق , و سأتعلم من جديد , و سأجد من يضغطون على يدي , و يمنحونني كل الامان , دون الحاجة الى ان اتظاهر بانني تعثرت

هل تتذكرين السمكة التي اهديتني اياها في عيد ميلادي ال 21 ؟ و قلت لي انها ستموت قريبا لانها وحيدة و ضعيفة ؟

صدقتك , و توقفت عن تغيير الماء لها و تتطهيره

لكن انظري مرت اسابيع ولم تمت

و لن اموت الان يا أمي!

لقد غيرت لها الماء اليوم

و سأغير مياة حياتي قريبا

الثلاثاء، 15 نوفمبر 2011

حقا طيبة



يحاول كل من حولي ان يُقنعني ان هناك خطبا ما بي , بما فيهم نفسي

لكني فتاة طيبة , اُقسم لك

نعم قتلت الكثير من الكائنات لكني فعلت هذا بدافع الحب و الشفقة

 نتفت اشواك قنفذ صغير وجدتة بقرب منزلنا في السعودية عندما كنا نعيش هناك. نتفتها واحدة تلوالاخرى و لكني فعلت ذلك ظنا مني انها تألمه و انني سأخلصه من عذابه الأبدي بانتزاعها

 و في مرة وجدت قطا يتسلل الى عشة الدجاج, ثم خرج وفي فمه صوص صغير. فكنت اذهب الى العشة و كلما رأيت دجاجة بجوارها بيضة كنت اعيد البيضة الى جوفها من جديد , و كنت عندما ارى بيضة فقست صوصا كنت اعيد الصوص الى جوف امه من جديد و عندما كان يقاوم,  كنت اقضم رأسه الصغيرة بأسناني ليموت و يتوقف عن المقاومة لكي استطيع ارجاعه الى رحم امه في هدوء, كنت افعل ذلك خوفا عليهم من الحياه, ظننت ان ذلك أأمن و أصلح لهم, بدلا من ان يكبروا و يصبحوا دجاجا يدبحه أخي الكبير ثم ينتف ريشه ابي بطريقة مُقيتة لتطبخه امي على الغداء

وكنت انتزع السلاحف من قواقعها, لأنني ظننت ان القواقع الثقيلة على ظهرها تبطئ من حركتها وددت لو تصبح اسرع, لكني لا افهم لماذا كانت تخرج من قواقعها ممزقة و دامية

اما الاسماك فكنت أشفق لحالها و هي تجوب وتصوب هكذا في احواض ضيقة, كنت اشعر بخوفها وغربتها, فكنت اقص زعانفها و افقأ عيونها, كما تفعل امي عندما تتطبخ لنا السمك, ثُم اُعيدها الى الحوض, كانت تركد في قاع الحوض حتى تموت بسلام, قال لي ابي ان سمك الأحواض يعود الى منازله في قاع المحيط عندما يموت.

 و كنت اُفرغ زجاجة الشطة الحارة في فم قط اخي لأعاقب فصيلته كلها على أكل ذاك الصوص

, وكنت اجمع الجرذان من المصيدة , و اخرجهم من الغراء و اضربهم في الخلاط ثم افرغ عرائسي من القطن و أحشيهم بالجرذان المفرومة

 أعترف انه لم يكن هناك هدف نبيل هذه المرة, و لكني فقط اردت اللعب, كنت أعلم في قرارة نفسي انهم ارادوا اللعب معي ايضا

و لكني في كل الأحوال كنت اصر على دفن كل ما اقتله من هؤلاء الصغار منذ كنت صغيرة

لم اعذب اي حشرة او حيوان صغير كما يدعون, كنت احاول تخليصهم من شرك الحياة, و لم اقتل مخلوقا الا ودفنته , و بعد كل عملية دفن سرية , كُنت اعدو الى السرير و انام لارى في احلامي حديقة تنبت اشجارها من تلك الحيوانات المدفونة في ساحة المنزل الخلفية

حديقة جميلة بها حيوانات صغيرة سعيدة لكن يغلب عليها اللون الاحمر عن الاخضر , و اشجارها ميتة و دامية بعض الشيء

و لكني اتذكر انني عندما كنت اتجول في هذه الحديقة, في حُلم ما, وقفت تحت شجرة صيصان, كان بها صوص مازلت به بقايا حياة,

نظر الي, وطلب مني بصوت خافت ان اقتله لأرحمه مما يعاني, في الطبيعي كنت لأقتله لكي اريحه من ألمه, لكني سرعان ما تذكرت عندما قلت لي انه ثمة خطب ما بي, و أنه علي ان اتوقف عن العبث

قررت ان اتغير هذا اليوم للأصلح, ولم اقتلة قط, تركته يتألم ثم مات هكذا وحده بعد فترة

أرأيت؟

الست حقا طيبة ؟

الخميس، 3 نوفمبر 2011

عندما اجدك

اعلم انني لست اكثر بنات آدم رشاقة , و لا أمتلك بشرة مثالية خالية من العيوب تماما .. ولا شعري طويل بسذاجة يستطيع ان يداعب ابطيك عندما تحتضني فيدغدغك

خرقاء من الدرجة الأولى, اذا كان لابد من فتاة دائمة التعثر, اذا كان لابد من فتاة تستطيع الأواني الفرار من قبضتها , يستطيع الطعام ان يجد طريقه الى ملابسها دائما اثناء الأكل.... فهي انا

و لكن لي عينين كبيرتين مرسومتين بحدة قاطعة تستطيعان فتح رأسك كغطاء زجاجة و ملأك حبا يغمرك تماما الى حد الاختناق , و لي شفتين مملوؤتان شبابا يستطيعان تخليصك من شقاء عمرك في قبلة . ولي يدان ناعمتان و لكن بقوة كافية لينتشلاك و يقوداك الى البيت اينما ضعت في زخم الحياة

و اعرف انني لا اجيد فن الشياكة كما تجيده معظم النساء من النوع الذي يعجبك

و لكنني استطيع الغناء , و لا يعرف كثيرا من الناس هذا عني و لا حتى انت. ستأتي يوما ما من عملك و تفتح الباب و تدخل برفق ظنا منك انني نائمة , ثم ستسمع واحد من اجمل الاصوات التي سمعتها في حياتك منبعث من غرفة نومك .. لتجدني امشط شعري الغجري و اغني له ليذعن و يسهل ترويضه و حتما ستنبهر.

  اعترف انني مهملة جدا و كسولة بعض الشيئ و لست من ستحافظ على قمصانك نظيفة و مكوية دائما

و لكنني سآخذك من يدك عندما تمطر , و اطلب منك ان تلقي نفسك على السرير 
بجواري و تستمع فقط.

سوف اتعلم كل ما يمكنني ان اتعلمه عن الاشياء التي تحبها, سأشاركك هوسك بالرياضة و الإلكترونيات حتى وان اكنت لا أطيقها ولا يستطيع عقلي المتواضع فهمها, حتى عقلي, سأطوعه من أجلك

سوف لن تضطر لتقشير اي برتقاله من الان فصاعدا اثناء وجودي , سأقشر لك جميع برتقالاتك و سأفصص لك رمُانتك كُلها

سآخذ لك عدد لا نهائي من الصور , و انت عائد من العمل , و انت ذاهب الى العمل و سأنتظر حتى تبتسم لألتقط صورة لإبتسامتك التي من شأنها ان تفطر القلوب

سأغضبك عمدا لكي اتمكن من ان التقط لك صورة و انت غاضب كقط صغير , سوف لن اساعدك في خلع قميصك لأنني سوف اكون منهمكه في التقاط صورة لك تبرز عضلاتك و انت تخلعه

سألصق جميع الصور على حائط الغرف حتى تصبح جميعها مغطاة تماما بصورك , و ليتهامس الزوار عن مدى هوسي بك , لن يهمني

  سألحق بك و انت على السلم لأعطيك مجموعة الاغاني التي سهرت في تجميعها لك طوال الليل لتسمعها في السيارة و انت في طريقك الطويل للعمل

ستعود و لكن لن يكون البيت نظيفا جدا ربما

لكنني اعدك انني سأكون نظيفة دائما و ستطيب لك رائحتي

سأدخر جزء من نقودي طوال السنة لأشتري لك هدية فاخرة في اعياد مولدك

سأعصر ذهني لكي اجد اسماء فريدة لابنائك

سوف لن ادع شخصا الا و اخبرته عنك و عن امجادك حتى لو اضطررت لاختراعها

فقط, علي ان اجدك اولا