طفلة ذو ثلاثة عشر عاما , يُقرر اهلها تزويجها , فتتزوج من رجل شديد الفقر ذي عينين زارقاوين ك السماء , يكبُرها بعشرين عاما يزيد .. بعد فترة تُنجب من الاطفال ما يُقارب على العشرين بنتا و ولدا .
تكبر و تصبح في اواخر الثلاثينات ..
فيموت زوجها الذي لطالما اعتبرته و الدها
ثم يموت طفلها اسماعيل وهي ترضعه فوق السطح عندما يخترق جمجمته عيارا ناريا اثناء الحرب
ثم تموت ابنتها الصغيرة ميرفت بسبب نحلة دوارة , مُدببه , كان يلعب بها اخوانها في طيش
ثم يموت ثلاثة من بناتها , الذين تزوجو و انجبوا اطفالا , بسرطان الثدي , واحدة تلو الاخرى
ثم يُقرر ابنها الطيب طارق الذي تحبه بخبل , ان يهاجر الى العراق
و يظهر لها ابن عاق يُدعى مجدي
يضربها , و يهينها .. ثم يقرر اللحاق بأخيه المهاجر للعراق و العيش هناك
تكبر اكثر و تصبح فوق الستيين عاما..
فتموت ابنة رابعة لها بسرطان الثدي ايضا , الابنة التي كانت تصغرها ب اربعة عشر عاما فقط , متزوجة و جدة لثلاثة اطفال ايضا , كانت ترافقها اينما ذهبت , كانو كصديقتيين حميمتين لا ييفترقا ابدا
تأتي حرب العراق لتقتل فيها الامل من ان يعود ولديها مجدي و طارق
ويموت ابنها محمد , اب لثلاثة بنات , بسرطان الرئة , بعد ان يزوج اثنان من بناته و يرى حفيده الاول
هي الان عجوز في اواخر السبعينات , هي جدتي , حليمة عطية ندى
جدتي التي زارت مقابر و شهدت ساعات دفن اكثر مما زارت محلات البقالة في حياتها
التي اعترف انني مُقصرة في حقها , و تحبني بجنون , لانها من رباني منذ ولادتي , بينما انهمكا والدي في السفر و العمل
هي المرأة الحديدية , التي اشعر ان الله خلقها فقط لتلهمني , و تمدني من قوتها الجبارة التى اتحدى ارجل رجل ان يأتي بمثلها
ازورها مرة كل قرن , اجلس بجوارها , امسك بيديها , و ابحلق بهم محاولة اتباع تجاعيدها و قراءتها , اذهب اليها كلما آذتني الدنيا , لأستمد من فيضان قوتها المغولي ما يكفي للأنتصار على احزاني , لأتذكر انني مهما عانيت لن اصل و لن يصل اي مخلوق لحجم المعناه التي عانتها , حينها اشعر بأنني سأنجو و اتخطى محنتي بسلام
اعلم انني انانية و اتمادى في استغلالها , كما استغلت الدنيا قوتها و انهالت عليها بألالام , لم يكن لبشر عادي ان يتحملها , مع ذلك تراها تحاول ان تضحك كثيرا , تبتسم , ثم تشرد بعيدا عن الحضور , تتلاشى ابتسامتها ببطء , هي النداهة التي تندها وحدها في حضور الجميع
ولا يلاحظها غيري
تشرد و ترى في عينها الما تعجز الكلمات عن وصفه , ودموعا حجرها الزمن , ثُم تعود لتبتسم من جديد و قد انتصرت على النداهة التي تختطفها من حين لأخر
احبها عندما ترتدي نظاراتها الضخام , و تمسك بالمصحف , تقرأ و تقرأ , ثم تصلي و هي جالسة . تضع المصحف جانبا , و تمسك بالريموت لتشاهد تمثيلية في المساء
تحب كاظم الساهر , تحب ان تشتري كريم مرطب ليديها و وجهها , تحب ان تصبغ شعرها لان سطوع لونه الابيض يضايقها , تحب ان تطلب مني ان اشتري لها احذية رغم انها نادرا ما تغادر المنزل , و ان فعلت نادرا ما تتحرك على قدميها لانها لا تستطيع المشي لمسافات طويلة
احب كيف تحب الحياة و تتمسك بها رغم كل ما عانت , اخشى ان تموت جدتي قريبا
قبل ان احقق لها امنيتها الاخيرة في ان تحضر عرسي , و ان كانت محظوظة جدا ترى لي طفلا
و أخشى ان اموت قبلها, قبل ان اتعلم منها كيف انتصر على النداهة مثلها
و أخشى ان اموت قبلها, قبل ان اتعلم منها كيف انتصر على النداهة مثلها
هناك تعليقان (2):
مساء الخيرات اختي
لكل شخص في هذه الحياة قصة قد تكون مليئة بالتعب والشقاء والألم وهذا الأغلب وقد تكون مليئة بالراحه والسعادة والحب ....
وهذي هي جدتك سطرت حياتها بطريقة انكتبت لها ولكن جعلت من الإبتسامه سلاح قوي تتخطى به كل هموم الحياة وتعبها وقسوتها
اتمنى الله ان يمد عمر جدتك بالطاعة وان تحضر زواجك وتفرح بقدورم اولادك يارب
....
ربنا يبارك فى عمرها ويخليكم لبعض..
إرسال تعليق