و بعد معارك سلمية مع الكسل, جرجرت نفسي الى المطبخ
وضعت
اناءاً على النار و ملأته بالماء و تركته ليغلي
توجهت الى المرآة
نظرت الى وجهي الشاحب
فقط لو كانت عيناي
زرقاوتين
اللون الأخضر يُخيفني قليلا
الألوان عامةً تُخيفني
الألوان حاسمة جدا, و الحسم يُخيفني
ان يقرر الأسود ان يكون اسودا
و يعلم انه بذلك لن يستطيع ابدا ان يكون احمرا او اصفرا
قرار مصيري و مُرعب
ماذا لو سأم اللون الزهري رائحة الورود, و بلاهة الفراشات
وسعادة الأحباء المَقيتة
و ماذا لو سأم الأسود عويل الأمهات,
اللاتى فقدن أبنائهن ووجدن ان اللون الأسود يُلائم سواد موقفهن
انا لا افهم القرارات و لا أصنعها, و تُخيفني
مشطت شعري بيدي و تركته منسدلا
ثم رفعته
و سويت غُرتي
و خيل لي لوهلة انه من الممكن ان تُقرر كارثة كونية ان تحدث الأن
و لكن الوقت غير مناسب, خاصة و انني تناسيت ان افرش اسناني هذا الصباح
و البيجامة التي ارتديها ليست شيك بما فيه الكفاية لأهرب بها و انا مذعورة
تعلمت من الأفلام ان الهاربين من الكوارث و يرتدون بيجامات لا تمت للشياكة بصلة لا ينجون ابدا و يموتون في بداية الفيلم
و هناك بثرة سيريالية أستأجرت الركن الأيمن من وجهي منذ ثلاثة ايام و أستحلت البقاء هناك
الجو حار و لا يُضايقني
و المكرونة من النوع الرديء لكن النقانق جيدة
حضرت طبق معكرونة بالنقانق و سكبت عليه صوص كريمة و مشروم
احب الطبخ و يُحبني
و لا يُخيفني
اخذت الطبق و اتجهت الى اللابتوب
التلفاز يحاول لفت انتباهي لكني لا أعيره اي اهتمام
لا ييأس ابدا, و ينجح دائما في توجيه جُمجُمتي اليه لا سلكيا
يبدو انهم ينتخبون رئيسا او شيء من هذا القبيل
المرشحون لا يُثيرون اعجابي
والناس في حيرة من أمرهم
مأزق موحل
و أشعر بالأمتعاض
شيء حزين فعلا
اهرب الى الابتوب لأجد جثث لأطفال يقولون انهم من سوريا
لا أعلم كيف ماتوا
او من قتلهم
كل ما اعرفه انه شيء حزين جدا
و اشعر بالامتعاض
غيرت القناة فأنتهت المُعضلة
و بنقرة واحدة اختفت الجثث
وبدأ الشعور بالحزن يتلاشى
استأنفت الأكل
ووقعت عيني على مرآة اختي بجوار السرير
و عاد شُغلي الشاغل هو كيف كنت لأبدو بعينين زرقاوتين
السنون تمر و طبق المعكرونة بالنقانق و صوص الكريمة و المشروم لا ينتهي
السنون تمر و القنوات تتغير بأستمرار و الأخبار تّتابع
السنون تمر و ناظري اعتاد رؤية الجثث
السنون تمر و قلبي هو الشيء الوحيد الذي يتحول لونه الى الازرق و ليس عيناي
الكارثة الكونية حدثت بالفعل
فقدنا انسانيتنا
شعرنا بحزن الموقف
ثم غيرنا-بنقرة-رجل واحد القناة
و تابعنا الأكل